هل تشعر بالكسل وانقلاب الحال؟ حاول أن تضحك أكثر. بعض الخبراء يظنون أن الضحك قد يكون أفضل دواء بحيث يساعد على الشعور بحال أفضل ويعيد الانطلاق والنبض إلى طريقك.
رأي الخبير النفسي ستيف ويلسون في الضحك: “أنا أؤمن أنه إن استطاع الناس أن يدخلوا المزيد من الضحك في حياتهم سوف يعود بالنفع والفائدة على حياتهم بشكل عام”.
لم تؤكد البحوث بعد إن كان الضحك فعلا يجعل الأشخاص يشعرون بحال أفضل وحده أم أن حس الفكاهة، السلوك الإيجابي ودعم الأصدقاء والأهل كلها تلعب دورا أيضا.
أما البروفيسور روبيرت بروفين وهو بروفيسور في علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة ماريلاند ومؤلف “الضحك: بحث علمي” علق قائلا: “لم يتم حتى الآن عمل بحث نهائي وفاصل في الفوائد الصحية للضحك”.
حتى وإن كنا غير متأكدين أن الضحك سيساعد الأشخاص على الشعور بحال أفضل إلا أننا متأكدين أنه لا يؤذي!
العلاج بالضحك: ماذا يحدث عندما نضحك؟
نحن نتغير جسمانيا عندما نضحك تمتد العضلات في جميع أنحاء وجهنا وجسمنا ويرتفع قليلا ضغط الدم والنبض ونتنفس بشكل أسرع بما يسمح بإيصال المزيد من الأكسجين إلى أنسجتنا. يفسر الخبراء الذين يعتقدون بفوائد الضحك أنها كنشاط جسماني خفيف فبالتالي سيكون لها بعض الآثار الإيجابية الخفيفة للرياضة. علق الخبير النفسي ويلسون قائلا: “تأثير الضحك والرياضة متشابه جدا أما عندما تجمع ما بين الضحك والحركة مثلا كالضحك وأنت تحرك ذراعيك فستكون طريقة رائعة لتحسين معدل نبضات القلب لديك.
إحدى الأوائل في البحوث المتعلقة في الضحك ويليام فراي قال أنه احتاج إلى عشرة دقائق من الرياضة ليصل معدل نبضات القلب لديه إلى درجة تساوي تلك التي حصل عليها بعد دقيقة واحدة فقط من الضحك.
أما الباحث من جامعة فانديبيلت ميسيج بوشوسكي والذي قام بعمل دراسة صغيرة قاس بها عدد السعرات الحرارية المفقودة في الضحك وبينت الدراسة أن من 10-15 دقيقة من الضحك حرقت 50 سعرة حرارية.
قد تكون النتائج مغرية ولكن هذا لا يعني أن تترك الرياضة فورا! فقطعة واحدة من الشوكولا تحتوي على 50 سعرة حرارية تقريبا وإذا حرقت 50 سعرة حرارية في الساعة وأردت أن تخسر 2 كيلوغرام من وزنك هذا يعني أنك تحتاج إلى اثنتي عشرة ساعة من الضحك العميق!
تأثير الضحك على الجسم
اهتم الباحثون في العقود الأخيرة في دراسة تأثير الضحك على الجسم ووجدوا هذه المعلومات المثيرة عن كيف يؤثر الضحك على أجسامنا:
تدفق الدم
درس باحثون من جامعة ماريلاند التأثير الحادث على الأوعية الدموية عندما يشاهدون إما برامج كوميدية أو درامية. بعد الفحص تبين أن الأوعية الدموية للمجموعة التي شاهدت البرامج الكوميدية كانت طبيعية بحيث تتمدد وتنقبض بسهولة ولكن توترت أوعية المجموعة الثانية بشكل قيّد تدفق الدم.
ردة فعل الجهاز المناعي
من المثبت علميا أن زيادة التوتر تقلل من ردة فعل الجهاز المناعي وبينت بعض الدراسات قدرة استخدام الفكاهة على زيادة عدد الأجسام المضادة المقاومة للالتهابات وزيادة عدد الخلايا المناعية كذلك.
معدل السكر في الدم
في دراسة شملت تسعة عشر شخص مصاب بالسكري وكانت تهدف إلى مراقبة تأثير الضحك على مستويات السكر في الدم. بعد تناول الطعام حضر المشاركون محاضرة مملة وفي اليوم التالي تناول المشاركون نفس وجبة الطعام وشاهدوا برنامج كوميدي. كانت نسبة السكر في الدم بعد البرنامج الكوميدي أقل من نسبته بعد المحاضرة.
الإسترخاء والنوم
بدأ التركيز على فوائد الضحك حقا بعد انتشار مذكرات نورمان كوزينز “تشريح المرض”. شخص كوزينز بمرض التهاب الفقرات التصلبي وهو حالة مرضية تصيب النخاع الشوكي وهو مؤلم جدا. ذكر كوزينز في مذكراته أن مشاهدته للبرامج الكوميدية ساعدته على الشعور بحال أفضل وذكر أن الضحك لمدة عشرة دقائق ساعدته على النوم لمدة ساعتين بدون ألم!
الدليل: هل الضحك هو العلاج الأفضل؟
ما يزال الموضوع مبهم عندما نحاول طرح فوائد الضحك على عقولنا وأجسامنا. هل الضحك حقا جيد لصحتنا؟ هل حقا يزيد من الطاقة؟ لا يعتقد الجميع بذلك.
كانت إجابة البروفيسور بروفين على هذا السؤال: “لا أريد أن أبدو متطلبا ولكن الأدلة الواردة بأن للضحك تأثير إيجابي على الصحة غير محددة وأن معظمها صغيرة نسبيا ولم تجرى بالطرق المتميزة والمعتمدة. كما أن العديد من الباحثين لديهم ميل واضح يعني أنهم يجرون البحث بهدف إثبات أن للضحك فوائد. على سبيل المثال، الدراسات التي تبحث في فوائد الضحك لم تأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى المشابهة فلا يوجد أية دليل واضح أن للضحك تأثير متميز ومختلف عن الصراخ!”.
وأضاف أن أكثر دليل مقنع برأيه هو قدرة الضحك على التخفيف من الألم. العديد من الدراسات التي شملت أشخاص يعانون من الألم أو عدم الراحة وجدت أنه عندما يضحكون لا ينزعجون كثيرا بسبب ألمهم. ولكنه يعتقد أنه ليس من الواضح أن الكوميديا هي بالضرورة أفضل من أي نوع آخر من تشتيت الانتباه عن الألم فقد يكون للدراما القهرية نفس التأثير!
إحدى أكبر المشاكل التي تواجه البحوث المتعلقة بالضحك هو صعوبة تحديد السبب والنتيجة. على سبيل المثال: من الممكن أن تبين إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يضحكون إحتمالية إصابتهم بالمرض تكون أقل. ولكن هذا قد يكون عائد على أن الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة لديهم أسباب أكثر تجعلهم يضحكون. أو قد تجد البحوث أنه وفي مجموعة من الأشخاص المصابين بنفس المرض من يضحك منهم أكثر تكون لديه طاقة أكبر ولكن هذا قد يكون بسبب أن الأشخاص الذين يضحكون أكثر لديهم شخصيات تجعل لديهم قدرات تحمل أعلى. لذا سيكون من الصعب تحديد إن كان الضحك حقا عامل للتغيير أو مجرد علامة على أن الشخص ضمن حالة معينة.
إضحك أكثر لتحسين نوعية الحياة
يؤمن البروفيسور بروفين أن الضحك عبارة عن جزء من صورة أكبر وهو عبارة عن حالة إجتماعية وأن أي تأثيرات صحية إيجابية قد تكون حصلت نتيجة من التقرب من الأصدقاء والعائلة وليس الضحك بحد ذاته. في بحثه الخاص وجد البروفيسور بروفين أننا نميل للضحك أكثر بثلاثين مرة عندما نكون مع أشخاص أخرين مقارنة بوجودنا لوحدنا وأن الأشخاص الذين يتسمون بالضحك كثيرا قد يكون لديهم علاقات وصلات قوية مع الأشخاص حولهم فقط لا غير وهذا لوحده كاف لأن يكون له تأثيرات إيجابية على الصحة.
كما يوافق الأخصائي النقسي ويلسون على أن معرفتنا بفوائد الضحك محدودة قائلا: “الضحك قد يجعلك صحيا أفضل ولكننا لا نعرف حقا! بالتأكيد لن أخبر الناس أن يضحكوا أكثر فقط ليتجنبوا الوفاة لأنهم عاجلا أم أجلا ستخيب آملاهم!”.
ولكننا جميعا نعلم أن الضحك، التواجد مع الأصدقاء والعائلة والشعور بالسعادة سيجعلنا أفضل وتعطينا دفعة حتى وإن لم تستطع الدراسات إثبات السبب. لذا فإن ويلسون وبروفين كلاهما يرى أنه وبغض النظر إن كان الضحك حقا يحسن من الصحة ويزيد من الطاقة فهو من دون شك يحسن من نوعية الحياة. وختم البروفيسور بروفين قائلا: “بالتأكيد أنا لست معاديا للضحك ولكنني أقول فقط أنه إذا كنا نستمتع بالضحك أليس هذا سببا كافيا؟ هل حقا نريد وصفة طبية؟”.