ظهرت العديد من الشائعات الصحية على مر العصور. بعض هذه الشائعات تمت تجربتها علمياً و تم توثيقها كحقائق علمية بينما بقيت العديد من الشائعات في حيّز الخيال البشري الذي لا أساس له من الصحة! في هذا المقال سنطشف لكم بعض هذه الشائعات.
من أين تأتي الشائعات؟ الشائعات إما أنها خرافات توارثتها الأجيال بعيداً عن أي بحث علمي سليم أو أن تكون حقائق علمية تم توثيقها سابقاً عن طريق دراسات أجريت في القرن العشرين ولكن و مع تطور العلم و طرق البحث العلمي تبيّن في العلم الحديث و الأكثر دقة خطأها.
عليك شرب ثمانية أكواب من الماء يومياً
يذكر مركز السيطرة على الأمراض و الوقاية منها أن ما يهم ليس عدد أكواب الماء الذي تشربه و لكن ما يهم هو حصولك على قدر كاف من الماء. السؤال هو: ما هي الكمية الكافية؟ يذكر المركز أنه لا يجب أن تتواجد إرشادات بكمية الماء الذي عليك شربه يومياً ولكن للأكاديمية الوطنية العلمية الأمريكية رأي آخر بأن النساء يجب أن يشربن ما يعادل 2.7 ليتر و الرجال 3.7 ليتر من “مجمل” الماء يومياً.
كلمة “مجمل” مهمة جداً فهي لا تعني كمية الماء الصافي الخالص الذي تشربه بل مجمل الماء الذي تحصل عليه من المشروبات و الطعام معاً.
من المهم إدراك أن مجمل الماء الذي يحصل عليه الشخص المعتدل من المشروبات “شاملاً المشروبات المحتوية على الكافيين” تعادل 80% بينما يحصل على 20% من الماء من الطعام. بينما يعتقد معظم الأشخاص أن مجمل الماء الذي يجب أن يحصل عليه هو 2.5 ليتر من الماء النقي فقط وأن هذا الرقم لا يشمل كمية الماء الذي نحصل عليه من المشروبات و الأطعمة الأخرى. في الواقع أن هذا الرقم لا يظهر في أي إرشادات رسمية حول استهلاك الماء، إذن لماذا يصر الأشخاص على هذا الاعتقاد؟!
بينت دراسة أجريت في عام 2002 أن هذا الاعتقاد الذي يشمل ثمانية أكواب يومياً ليس إلا سوء فهم لفقرة من تقرير حكومي صدر عام 1945. حيث ذكر المعهد الوطني الأمريكي للبحث: “الكمية المناسبة اليومية لاستهلاك الماء للبالغين هو 2.5 ليتر في معظم الحالات. المعدل الطبيعي هو 1 ميلليليتر لكل كالوري واحد من الطعام و أن معظم الكمية متواجده في الطعام المحضر”. يعتقد الباحث في هذه الدراسة أن الأشخاص ركزوا على الجملة الأولى غافلين عن محتوى باقي الفقرة مما أدى إلى انتشاؤ شائعة أنه يجب على الشخص البالغ شرب ما يعادل 2.5 ليتر من الماء فقط بالإضافة إلى الماء الذي يحصل عليه من المشروبات الأخرى و الطعام. و الأهم أن الباحث في هذه الدراسة لم يجد أي دليل علمي لدعم نظرية شرب ثمانية أكواب من الماء يومياً للصحة.
الشعور بالبرد يسبب إصابتك بنزلة البرد
اعتقد الأشخاص لفترات طويلة أن الشعور بالبرد بحد ذاته يسبب الإصابة بنزلات البرد و لكن بدأ هذا الاعتقاد بالزوال و بدأ الأشخاص يفهمون أن ما يسبب نزلات البرد ليس الطقس البارد بل الفيروس.
نحن نصاب بفيروسات نزلة البرد و الذي يدعى rhinoviruses عن طريق الاتصال المباشر أو التواجد في مكان واحد مغلق مع أشخاص مصابين خاصة عندما يقوم الشخص المصاب بالسعال أو العطس أو عندما تقوم بلمس ذات الأشياء التي لمسها الشخص المصاب. لذا يبدو من الواضح أن فكرة أن الجو البارد يسبب نزلات البرد ليس إلا إشاعة. الحقيقية هي أن هنالك آلية يجعل شعورنا بالبرد أجسامنا أكثر قابلية للإصابة بنزلة البرد و لكنه ليس المسبب. كيف؟ عندما تقوم باستنشاق هواء بارد فإن الفتحات و التجاويف الأنفية تصبح باردة و هذا يبطئ حركة المخاط أي أن فرص الفيروس لتجاوز حاجز المخاط و الوصول إلى الجسم قد زادت. كما أن الدراسات وجدت أن فيروسات البرد تنمو في الجو البارد و فرص نجاتها أقل في درجة حرارة الجسم الطبيعية.
طقطقة الأصابع تؤدي إلى التهاب المفاصل
لا تسبب طقطقة الأصابع التهاب المفاصل! بينت الدراسات أن احتمال إصابة الأشخاص الذين يطقطقون أصابعهم مساوية لؤلئك الذين لا يقومون بذلك. إذاً لماذا يصدر الصوت؟ عندما نقوم بطق المفصل فإننا نقوم بإبعادهم قليلاً عند نقطة الوصل و الذي يسبب انخفاض الضغط و انخفاض السائل الذي يعمل على تزييت المفصل و عندما يحدث هذا تنتج فقاعات من السائل. هذا الاختلاف في الضغط يؤدي إلى تناوب الفقاعات بشكل سريع مما يؤدي إلى ظهور الصوت المعروف.
يسبب استعمال مزيل العرق سرطان الثدي
اعتقد العديد من الأشخاص وجود رابط بين استعمال مزيلات العرق في منطقة أسفل الإبط و سرطان الثدي و هذا بناء على اعتقاد أن المواد الكيميائية الموجودة في مزيل العرق تؤثر على خلايا الثدي حيث أنه يتم وضعها في المنطقة القريبة منه.
لم تجد معظم أو حتى جميع الدراسات التي أجريت على هذا الأمر أي أدلة على هذا المعتقد.
دراسة واحدة فقط أجريت بأثر رجعي على ناجيات من سرطان الثدي و قد أوجدت أنه تم تشخيص المرض لدى السيدات اللواتي يضعن مزيل العرق بعمر أصغر من اللواتي لا يستعملنه بشكل منتظم. و لكن و بما أن هذه الدراسة أجريت بأثر رجعي لا يمكن أن تكون دليلاً قاطعاً على أن استعمال مزيل العرق مرتبط بسرطان الثدي.
تقول الجمعية الوطنية الأمريكية للسرطان أن المزيد من البحوث يجب أن تجرى لإثبات ان كان هنالك علاقة بين استعمال مزيل العرق و سرطان الثدي.
البيض غير جيد للقلب
في فترة 1970 بدأ التركيز على صحة القلب مرتبطة بالكوليستيرول. في الواقع أن البيض غني بالمواد الغذائية ولكنه يحتوي على كميات كبيرة من الكوليستيرول مقارنة بالأطعمة الأخرى. و بناء على هذا اقترح البعض أنه لا يجب أن تتجاوز كمية البيض المتناولة في الأسبوع 4 بيضات و يجب أن يقل العدد لدى الأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني أو أمراض القلب و الشرايين.
ولكن بينت دراسة حديثة أنه لا يوجد أي رابط بين تناول كميات من البيض و مشاكل الكوليستيرول أو زيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب و السكري من النوع الثاني. بينت الدراسة أن الأشخاص الذين يتناولون ما يزيد عن سبع بيضات في الأسبوع لديهم مستويات قليلة من الكوليستيرول الضار و مستويات عالية من الكوليستيرول النافع و هذا يعني أن تناول بيضتين في اليوم يعتبر آمناً صحياً ولا تأثير له سواء ايجابي أو سلبي على احتمالية الإصابة بالسكري من النوع الثاني أو أمراض القلب و الشرايين.