يعد السكري من الأمراض المزمنة الشائعة في الوطن العربي وتحديداً الأردن حيث ينتشر بنسبة 16% بين الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الثامنة عشر وبعدد يزيد عن النصف مليون شخص مما يجعل الأردن في في قائمة أعلى عشرة دول في العالم من حيث الاصابة بالسكري وعدد السكان، فما هو مرض السكري ؟ وما هي أنواعه ؟ وأعراضه ؟ وطرق الوقاية منه وعلاجاته المتوفرة ؟
مرض السكري Diabetes
مرض السكري و كما يعرف بالوسط الطبي باسم Diabetes mellitus هو عبارة عن مجموعة أمراض أيضية (metabolic disorders) تؤدي إلى اصابة المريض بارتفاع نسبة السكر في الدم (high blood sugar) وذلك إما بسبب أن كمية الانسولين المنتجة غير كافية أو أن خلايا الجسم لا تستجيب بالشكل المطلوب للانسولين أو كلا السببين معا. المصابون بمرض السكر سيتعرضوا لثلاثة أعراض رئيسية :
١. التبول المتكرر (polyuria)
٢. العطش المتكرر (polydipsia)
٣. الشعور المتكرر بالجوع (polyphagia).
أنواع مرض السكري:
1. النوع الأول (Type I Diabetes)
هذا النوع سببه عدم انتاج الانسولين، و كما يطلق عليه أيضا اسم السكري المعتمد على الانسولين (Insulin-dependent Diabetes) ، سكري الأطفال/ الأحداث (juvenile (diabetes أو السكري المبكر (early-onset diabetes).
يصاب المرضى عادة بهذا النوع في وقت مبكر من حياتهم قبل بلوغهم سن الأربعين عادة في بداية سن البلوغ والمراهقة و نسبتهم لا تتجاوز ال10% من مجمل المصابين بمرض السكري بأنواعه الثلاث.
مرضى هذا النوع من السكري يجب أن يأخذوا جرعات انسولين مدى الحياة ، كما يجب أن يحافظوا على مستوى السكر المناسب في دمهم عن طريق فحوصات الدم الدورية و اتباع نظام غذائي معين.
2. النوع الثاني (Type II Diabetes)
يطلق على هذا النوع أيضا اسم السكري الغير معتمد على الانسولين (Insulin independent Diabetes) و يعود سببه إلى ان الجسم لا ينتج كمية كافية من الانسولين للوظائف المطلوبة أو أن خلايا الجسم لا تتفاعل مع الانسولين (مقاومة للانسولين).
90% من مصابي السكري هم من هذا النوع، من الممكن السيطرة على أعراض النوع الثاني من السكري عن طريق خسران الوزن الزائد، اتباع حمية غذائية صحية ، ممارسة الرياضة المنتظمة ومتابعة دورية لمستوى السكري في الدم. للأسف النوع الثاني من السكري يتطور للأسوأ مع مرور الوقت وعلى الأغلب سيحتاج المريض إلى أخذ الانسولين بالعادة على شكل أقراص.
الأشخاص ذوو الوزن الزائد و المصابين بالسمنة عرضه بشكل أكبر للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري مقارنة بآخرين من ذوي الأوزان الصحية. كما أن الأشخاص المصابين بنسبه عالية من دهون الحشوية (أو كما يطلق عليها سمنة الوسط، دهون البطن أو السمنة في منطقة البطن) هم بشكل خاص في دائرة الخطر. إن زيادة الوزن/ السمنة تؤدي إلى أن يفرز الجسم مواد كيميائية تؤثر على الجهاز الأيضي وجهاز القلب والأوعية الدموية.
أن تكون ذو وزن زائد، غير نشيط بدنيا وأن تمارس عادات غذائية خاطئة كلها تزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري. إن تناول علبة واحدة من المشروبات الغازية (الغير منخفضة السعرات الحرارية) في اليوم تزيد خطر إصابتك بالنوع الثاني من مرض السكري إلى 22% بناء على دراسة قام بها باحثون من Imperial College London وقد أوردو في بحثهم أن المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من السكر لها تأثير مباشر على زيادة خطر الاصابة بمرض السكري و لا يقتصر تأثيرها على وزن الجسم.
كما أن خطر الاصابة بالنوع الثاني من مرض السكري يزيد مع التقدم بالعمر، لا زال الباحثون لا يعرفون السبب المباشر وراء ارتباطه بالعمر لكن أغلب الاحتمالات العلمية أن الانسان مع التقدم بالعمر يميل أكثر إلى زيادة الوزن و يقل النشاط الجسمي.
الأشخاص الذين لديهم أقرباء من الدرجة الأولى و الثانية مصابين بالنوع الثاني من مرض السكري والأشخاص من الشرق الأوسط، أفريقيا و جنوب آسيا لديهم قابلية أعلى للإصابة.
الرجال المصابين بانخفاض نسبة هرمون التستستيرون هم أيضا أكثر عرضة للإصابة بناء على بحث قام به فريق من University of Edinburgh, Scotland حيث أثبتت الدراسه أن نسبة الهرمون المنخفضة تؤدي إلى مقاومة الجسم للأنسولين.
3. سكري الحمل (Gestational Diabetes)
هذا النوع يصيب السيدات خلال فترة الحمل، بعض النساء لديهم نسبة مرتفعة من الجلوكوز في دمهم و أجسامهم لا تنتج كمية كافية من الانسولين لنقل الجلوكوز جميعه إلى خلاياه مما يؤدي إلى ارتفاع متزايد لنسبة السكر في الدم.
يتم تشخيص سكر الحمل أثناء فترة الحمل، الخبر الجيد أن معظم المصابات بسكر الحمل يمكنهن السيطرة على مرضهن باتباع حمية غذائية صحية و ممارسة الرياضة لكن للأسف 10-20% منهن سيحتجن لأخذ بعض الأدوية التي تسيطر على نسبة سكر الدم. إن الحالات الغير مشخصة أو الغير معالجة من سكري الحمل تزيد من خطر المضاعفات أثناء الولادة كما أن المولود قد يكون بحجم أكبر من الطبيعي.
لقد اوجد باحثون من National Institutes of Health و Harvard University أن النساء اللواتي اتسم نظام غذائهم قبل الحمل بنسبة عالية من الدهون الحيوانية و الكوليستيرول هم أكثر عرضة لسكري الحمل مقارنة باللواتي يتبعن حمية منخفضة الكوليستيرول و الدهون الحيوانية.
ما هي مرحلة ما قبل السكري؟
معظم المصابين بمرض السكري ذو النوع الثاني يصابون أولا بمرحلة ما قبل السكري و هي مرحلة تكون فيها نسبة سكر الدم مرتفعة ولكن لا تصل للنسب التي تشخص بها مرض السكري، في هذه الحالة تبدأ خلايا الجسم بمقاومة الانسولين. أثبتت الدراسات أن في مرحلة ما قبل السكري قد تحدث أضرار لجهاز الدورة الدموية.
السكري مرض أيضي :
مرض السكري يصنف كمرض أيضي، الأيض هو الطريقة التي يقوم جسمنا باستخدام الطعام المهضوم فيها للنمو والطاقة، معظم الطعام الذي نتناوله يتم تكسيره إلى جلوكوز وهو عبارة عن شكل للسكر في الدم وهو المصدر الرئيسي للطاقة التي يحتاجها جسمنا، عندما يتم هضم الطعام يذهب الجلوكوز المتكون إلى مجرى الدم حيث تقوم خلايا الجسم المختلفة باستخدامه للطاقة والنمو على كل حال الجلوكوز لا يمكن ان يدخل هذه الخلايا بدون وجود الانسولين حيث أنه هو الذي يمكن الخلايا من إدخال الجلوكوز إليها.
الإنسولين هو الهرمون الذي يقوم البنكرياس بانتاجه حيث انه وبعد تناول الطعام يقوم البنكرياس تلقائيا بافراز كمية انسولين مناسبة ليقوم بنقل الجلوكوز المتكون من عملية الهضم و الموجود بالدم إلى الخلايا فبالتالي تنخفض نسبة الجلوكوز(السكر) بالدم.
ولكن الوضع ليس كذلك بالنسبة لمريض السكري حيث أنه في حالة السكري تكون نسبة الجلوكوز بالدم مرتفعة (Hyperglycemia) و ذلك –وكما ذكرنا سابقا- لأن الجسم لا يفرز كمية انسولين كافية لحاجته، لا ينتج انسولين نهائيا أو أن خلايا الجسم لا تتفاعل بالشكل المطلوب مع الانسولين الذي ينتجه البنكرياس (مقاومة للانسولين). هذه العوامل تؤدي إلى نسبة جلوكوز عالية تتجمع في الدم و التي في النهاية تخرج من الجسم عن طريق البول، إذا إن ما يحدث هو أن الجسم لديه الجلوكوز المطلوب للنمو والطاقة لكن خلايا الجسم غير قادرة على الاستفادة منه.
أعراض داء السكري:
قد يعاني المريض من السكري و لا يعلم بذلك لأن أعراضه بالعادة عندما يلاحظها الإنسان بنفسه تبدو له و كأنها عادية ولكن وبلا شك كلما تم تشخيص داء السكري في وقت مبكر والسيطرة عليه كلما كان احتمال التعرض لمضاعفات السكري أقل، فيما يلي قائمة بأبرز أعراض داء السكري:
- هناك ثلاث أعراض رئيسية و هي كثرة التبول، العطش المتكرر و الجوع المتكرر.
- زيادة الوزن (بسبب الجوع المتكرر) او نقصان غير مبرر للوزن (هذا العرض يوجد في النوع الأول من السكري بشكل أكبر من النوع الثاني).
- التعب المستمر.
- التهيج المفرط .
- عدم وضوح الرؤية .
- تأخر إلتئام الجروح والقطوع، التهابات الجلد المتكررة والشعور بالحكة بالجلد.
- انتفاخ واحمرار اللثه.
- العجز الجنسي لدى الرجال (خاصة للرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما).
تشخيص مرض السكري
كيف نعرف أن الشخص لديه سكري، مرحلة ما قبل السكري أو انه سليم
يتم بالعادة عمل فحص بول فإذا وجد نسبة جلوكوز عالية يتم عمل فحص دم بثلاث اختبارات مختلفة :
1. اختبار ال A1C
– 5.7- 5.99% مرحلة ما قبل السكري
– أقل من 5.7% معدل سكر طبيعي
2. اختبار FPG (مستوى الجلوكوز في الدم عند الصيام)
– 100- 125.99 مغ/دل مرحلة ما قبل السكري.
– أقل من 100 معدل سكر طبيعي.
3. اختبار ال OGTT (معدل تحمل الجلوكوز المأخوذ عن طريق الفم)
– 140-199.9 مغ/دل مرحلة ما قبل السكري.
– أقل من 140 مغ/دل معدل سكر طبيعي.
* إن وجود قيمة غير طبيعية لهذا الاختبار يعني أن المريض يعاني من ضعف تحمل الجلوكوز.
لماذا أطلق عليه اسم “داء السكري”
إن كلمة سكري (Diabetes) جاءت من اللغة اليونانية و تعني السحارة (Siphon)، حيث قام الفيزيائي اليوناني في القرن الثاني الميلادي بإطلاق مصطلح Diabainein كوصف لمريض عانى من التبول المستمر كما السحاره (Siphon) ثم أصبح المصطلح “Diabetes” عند الترجمة الإنجليزية للعلم اللاتيني للسكري من القرون الوسطى.
في عام 1975 قام العالم Thomas Willis بإضافة كلمة الداء (mellitus) إلى المصطلح -مع أنها و ما زالت بالعادة نكتفي بقول السكري- ، mel باللاتيني تعني العسل حيث أن بول و دم الأشخاص المصابين بالسكري لديهم كمية سكر زائدة. فبالتالي تصبح الترجمة الحرفية للمصطلح الطبي (Diabetes mellitus) هو: شفط الماء الحلو.
لاحظ الصينيين القدامى أن النمل قد ينجذب لبول بعد الأشخاص لأنها حلو لهذا أطلقوا عليه اسم “المرض ذو البول الحلو”.
السيطرة على داء السكري :
الخبر الجيد هو أن كل أنواع السكري قابلة للسيطرة عليه، النوع الأول من السكري يستمر علاجه مدى الحياة ، حيث أنه لا يتم الشفاء منه أما النوع الثاني فإن علاجه يستمر طوال العمر و لكن بعد الأشخاص استطاعوا السيطرة عليه دون الحاجة للعلاجات الدوائية بالرياضة، الحمية الغذائية السليمة و المحافظة على وزن الجسم الطبيعي.
الأهداف من السيطرة على مرض السكري هي السيطرة على نسبة السكر في الدم، السيطرة على ضغط الدم و نسبة الكوليستيرول في الدم.
قام باحثون من Mayo Clinic Arizona في سكوتلاندا باظهار أن عملية تجاوز المعدة (gastric bypass surgery) من الممكن أن تعكس النوع الثاني من السكري لعدد كبير من المرضى، و لكن عاد المرض إلى 21% منهم بعد 3-5 سنوات، الطبيبة Yessica Ramos قالت أن نسبة أن يعود المرض لها ارتباط قوي بتاريخه قبل العملية مما يضع اقتراحا أن التدخل الجراحي المبكر لدى الأشخاص المصابين بالسمنة والسكري سوف يزيد من احتمالات صمودهم لمدة أطول قبل عودة المرض.
المرضى المصابين بالنوع الأول من السكري يتم علاجهم بجرعات الانسولين العادية بالإضافة لنظام غذائي و رياضي خاص.
أما النوع الثاني فيحتاجون إلى أخد حبوب خاصة بالمرض طبعا بالإضافة للرياضة والحمية الغذائية وكما تحتاج فئة منهم إلى جرعات الانسولين خاصة في المراحل المتأخرة من المرض.
إذا لم يتم السيطرة على داء السكري فإن المريض سوف يكون ذو عرضة عالية لمضاعفات متعددة.
المضاعفات المرتبطة بمرض السكري:
- المضاعفات المرتبطة بالعين : مرض الزرق، مرض إعتام عدسة العين، اعتلال الشبكية المرتبط بالسكري و غيرها من أمراض العين الأقل انتشارا.
- المضاعفات المرتبطة بالأقدام : اعتلال الأعصاب، التقرحات وبعض أنواع الغنغرينا التي قد تؤدي إلى تدخل طبي بقطع القدم.
- المضاعفات المرتبطة بالجلد : إن الأشخاص المصابين بالسكري أكثر عرضة للإصابة بالتهابات واعتلالات الجلد.
- مشاكل القلب : كمرض القلب الإقفاري (Ischemic heart disease) و هو عندما يكون تروية الدم إلى عضلة القلب منخفضة.
- ارتفاع ضغط الدم : إن مرض ارتفاع ضغط الدم مرتبط جدا بداء السكري و الذي قد يؤدي بدوره إلى أمراض الكلى، مشاكل العين، النوبة القلبية و السكتة الدماغية.
- مشاكل ذهنية : عدم السيطره على داء السكري يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، القلق و بعض المشاكل الذهنية الأخرى.
- ضعف السمع : الأشخاص المصابين بداء السكري لديهم نسبة خطر أعلى بالاصابة بالمشاكل السمعية مقارنة بنظرائهم السليمين.
- مشاكل اللثه.
- خزل المعدة : تتوقف عضلات المعدة عن العمل بالشكل المطلوب عند الإصابة بالسكري.
- الحماض الكيتوني : و هو عبارة عن دمج ما بين الحماض والكيتوزية حيث تتجمع الأجسام الكيتونية و حموضة الدم.
- الاعتلال العصبي : الاعتلال العصبي المرتبط بالسكري هو نوع من التلف العصبي والذي من الممكن أن يؤدي إلى العديد من الاعتلالات المختلفة.
- متلازمة الفرط أسمولي الفرط الجلوكوزي الغير مرتبط بالكيتون HHNS (Hyperosmolar hyperglycemic Nonketotic Syndrome): في هذه المتلازمة ترتفع نسبة الجلوكوز بالدم إلى نسبة عالية جدا بدون وجود الأجسام الكيتونية في الدم أو البول و تعتبر حالة طوارئ.
- اعتلال الكلى : ارتفاع ضغط الدم الناتج عن السكري يؤدي إلى أمراض الكلى.
- مرض الشرايين الطرفية PAD (peripheral arterial disease) : الاعراض قد تكون آلام في الأرجل، وخز و أحيانا عدم القدرة على السير بشكل سليم.
- السكتة الدماغية : إذا كان ضغط الدم، الكوليستيرول و سكر الدم مرتفعين و غير مسيطر عليهم فإن خطر الإصابةبالسكتة الدماغية ترتفع بشكل كبير.
- عدم القدرة على الانتصاب : عجز جنسي لدى الذكور.
- الالتهابات : المرضى الغير مسيطرين على داء السكري لديهم خطر أكبر للاصابة بالالتهابات من نظرائهم السليمين.
- التئام الجروح : يصبح إلتئام الجروح بحاجه لوقت أطول.
نصائح لمرضى السكري :
- التزام نمط حياة صحي بالحمية الغذائية الصحية و ممارسة الرياضة.
- احرص على قياس نسبة السكر في دمك بشكل دوري عن طريق الفحص باستخدام جهاز قياس السكر المنزلي وراجع طبيبك فورا في حالة عدم انتظام القراءات، ارتفاعها أو انخفاضها وكما سيطلب الطبيب منك فحوصات مخبرية دورية.
- توقف عن التدخين لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- التزم بأخذ العلاجات الموصوفة من قبل طبيبك في أوقاتها.
- احرص على مراجعة طبيبك بشكل دوري.