علاج مناعي لسرطان الدم

علاج مناعي جديد يعطي الأمل لمرضى السرطان

كانت حياة الشاب ذو العشرين من العمر ميلتون رايت الثالث تبدو وكأنها عادت إلى مسارها الطبيعي. بعد انقطاعات عديدة عن دراسته، عشقة لكرة القدم ومخططاته للإنضمام إلى سلاح البحرية كان قد بدأ يعيد المسار الطبيعي لحياته. بدأ عمل جديد في عرض الأزياء وظهر في إعلانات لعدة علامات تجارية منها زيوميز وأديداس حصل على كل ما يريد ونسي إصابته بالسرطان.
في عام 2013 انحنت حياة رايت عن مسارها عندما سمع صوت تصدع أضلعه وذهب مباشرة إلى مستشفى سياتل للأطفال والذي يبعد بضع بنايات عنه. كان المستشفى مكانا مألوفا لديه فهو يسكن بالقرب منه منذ أن كان في عمر الثمانية سنوات بعد تشخيص إصابته بمرض سرطان الدم. بدأ بعد ذلك رحلته العلاجية لنوبتين من سرطان الدم الثانية كانت عندما كان بعمر الخامسة عشر.
طلبت ممرضة قسم الطوارئ من رايت بعد فحص أضلعه و عينات من دمه متابعة حالته الصحية مع قسم أورام الدم. علق رايت على هذا الحدث قائلا: “بدأت أستجمع الأحداث معا، كسر في الأضلع، عينات من الدم لا بد وأنني قد أصبت به مرة أخرى”.
علم رايت وقتها أن أيامه أصبحت معدودة حيث يعلم أن الأطفال الذين يصابون بسرطان الدم للمرة الثالثة لا ينجوون منه وعند التشخيص الثالث يخبرهم الأطباء بأنهم سيعيشون لمدة أقصاها ستة أشهر. أما طبيبة رايت الطبيبة ريبيكا جاردنر والتي أكدت إصابة رايت بسرطان الدم للمرة الثالثة رفضت أن تقوم بإعطاء رايت مهلة الستة أشهر بل اقترحت عليه أن يكون مريضها الثاني الذي تتم عليه دراستها السريرية حيث أن المريض الأول لم يعاني من أي من أعراض سرطان الدم بعد تسعة أيام من بدء العلاج الجديد.
يدعى العلاج CAR T-cell والذي يقوم بإعادة هندسة الجهاز المناعي الخاص بالمريض بحيث يميز ويهاجم الخلايا السرطانية. حصل هذا العلاج في شهر تموز الماضي على مسمى “العلاج الإختراقي” لدى الغذاء والدواء الأمريكية بما يسهل حصوله على الموافقة السريعة لاحقا.
أما تفاصيل العلاج فهو علاج مناعي وهو توجه علاجي جديد يحفز الجهاز المناعي لمحاربة السرطان كما يقوم بأي مرض آخر. علق العديد من الأطباء والباحثين على هذا النوع من العلاج في اجتماع الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري السنوي قائلين أن هذا النوع من العلاج هو الطريق للشفاء. وافقت مديرية الغذاء والدواء الأمريكية هذا العام على نوعين آخرين من العلاج المناعي لعلاج سرطان الجلد ومرض سرطان الدم الليمفاوي المزمن.

زيادة فعالية T-cells
لا يستطيع جهاز المناعة الخاص بالجسم التمييز بين الخلايا السرطانية والسليمة وذلك لأن الخلايا السرطانية تتشارك بالعديد من الصفات مع الخلايا السليمة. علاج الطبيبة جاردنير يعتمد على تعديل جينات T-cells المناعية الخاصة بالمريض (وهي خلايا دم بيضاء تنتقل عبر الجسم لقتل أي مسببات أمراض) تعدّل بحيث تميز وتقضي على سرطان الدم.
الحمى هي إحدى الأعراض الدالة على أن T-cells تقوم بعملها ولكن إذا لم يستطيع الطبيب السيطرة على الحمى فقد يضطر وقتها لقتل الخلايا وإيقاف العلاج.
بدأ رايت بأخذ الخلايا عن طريق الوريد بعد تعديلها جينيا وبدأت مراقبة الحمى. بعد أسبوعين أصيب رايت بالحمى وبدأ الأطباء بدراسة قتل الخلايا وإيقاف العلاج. إلا أن رايت رفض إيقاف العلاج وطلب من الأطباء إعطاء العلاج فرصة يوم أو يومين. انخفضت حرارة جسم رايت بعد يومين وعندما تحسنت حالته الصحية بعد عدة أيام وأصبح بإمكان الأطباء من القيام بالبزل القطني لفحص سرطان الدم تبين أنه قد شفي من السرطان.

العلاج ناجح فعلا
يبلغ رايت من العمر الإحدى وعشرين عاما بعد خضوعه لعملية زرع نخاع العظم كإجراء احتياطي إضافي ويرى أن علاجه معجزة ولكنه نجح حقا في علاج عدة حالات من هذا السرطان.
علق الطبيب رينيير برينتجيز -دكتوراه في علم الأورام في مركز ميموريال سلون كاتيررينج السرطاني والذي قضى عشرين عاما في البحث عن طرق لتحفيز الجهاز المناعي على القضاء على السرطان-: “لا يمكننا أن نقول أن هذا العلاج ساعد عدة مرضى فحسب بل إنه يتوسع لينتشر في عدة مراكز بما يعني أننا لا ننظر لمريض واحد فحسب إنه حقا ناجح في علاج المرضى”. كما أضاف قائلا: “إنه مرض سئ للغاية إحتمالية الشفاء خلال ثلاثة سنوات من عودة المرض أقل من 10%”.
قام الباحثون في سلون كاتيررينج، جامعة بينزيلفانيا ومركز السرطان الوطني بتجربة هذا العلاج على 100 مريض شفي أكثر من سبعين مريض شفاء تاما وهذه النتائج هي ما دعت مديرية الغذاء والدواء الأمريكية على إعطاءه مسمى العلاج الإختراقي. ما زال الباحثون يدرسون فحص الخلايا المعدلة لعلاج أنواع أخرى من سرطان الدم، سرطان الغدد الليمفاوية والورم النقيي المتعدد.

منع الفرامل
في نوع آخر من العلاج المناعي يحاول الباحثين منع فرملة الجهاز المناعي. إحدى أسباب نمو السرطان أن الجهاز المناعي في الجسم لا يهاجم كل صغيرة تعترض طريقه أي أن الجهاز المناعي يحتوي على فرامل بدونهم سيكون الجسم في حالة دائمة من الحمى، الطفح الجلدي أو أي من ردات فعل الجهاز المناعي. لذا يحاول الباحثون إكتشاف كيفية منع هذه الفرامل بشكل مؤقت بحيث يهاجم الخلايا السرطانية دون مهاجمة باقي خلايا الجسم في نفس الوقت.
بعض أنواع البروتين المتواجدة على سطح الخلايا المناعية تتحكم بهذه الفرامل أما الأدوية التي توقف عمل هذه الفرامل هي أجسام مضادة مصنعة توقف عمل هذه البروتينات ولكنها محفوفة بالمخاطرة حيث أن الجهاز المناعي قد يهاجم الخلايا السليمة كذلك بما قد يسبب مشاكل صحية كالتهاب القولون، التهاب الكبد، طفح جلدي شديد، التهاب الغدد النخامية والدرقية بحيث تكون آثار جانبية من الممكن السيطرة عليها ولكنها خطرة.

المرجع

موقع WebMD الطبي
شارك المقال

شاهد أيضاً

الفاكهة، الخضار والسعادة

هل يجعلك تناول الخضار والفاكهة أكثر سعادة؟

 وفقاً لنتائج بحث جديد قد يجعلك تناول ثمان حصص من الخضار والفاكهة في اليوم أكثر …